نسعى اليوم لتقديم إجابة دقيقة وشاملة حول سؤال “ما هي حقوق المسلم على أخيه المسلم؟”، حيث تُعتبر الأخوة من الركائز الأساسية التي يقوم عليها الدين الإسلامي. وقد ورد في كتاب الله تعالى: “إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون”. وهذا أيقظ في نفوس المسلمين أهمية الحقوق المتبادلة بين الأفراد في المجتمع الإسلامي.
من الضروري أن يبذل المسلم جهوده لتأدية حقوق أخيه المسلم بغية الحفاظ على الأواصر الأخوية، وسنستعرض في السطور التالية أبرز هذه الحقوق.
محتويات
حقوق المسلم على أخيه المسلم
تتجلى حقوق المسلم في واجبات لا يمكن تجاهلها أو الإغضاء عنها. ومن أبرز هذه الحقوق هو استقبال المسلم لمعاملة حسنة من أخيه. وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم حقوق المسلمين من خلال مجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة:
- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خمس تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنائز”. يشير هذا الحديث إلى أن حقوق المسلمين تشمل خمسة أمور اساسية: وهي رد التحية، وعلاج المريض، والمشاركة في الجنائز، وتلبية الدعوات عند الحاجة، فضلاً عن الدعاء للعاطس. كل هذه الأمور تعزز من روح المودة والألفة بين الأفراد.
تم توضيح حقوق المسلمين التي أكد عليها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وسنقوم بتفصيل كل حق من هذه الحقوق لاحقًا.
حق اتباع الجنازة
يتطلب من المسلم أن يتبع جنازة أخيه المسلم بعد وفاته، وينقسم هذا الحق إلى ثلاثة أنماط مختلفة:
- أداء صلاة الجنازة ثم المغادرة.
- أداء الصلاة والمشاركة في الجنازة حتى دفن المتوفي.
- أداء صلاة الجنازة ومرافقة الجثمان حتى الدفن، ثم الانتظار قليلاً بعد الدفن للاستغفار والدعاء للمتوفى.
يُعتبر النمط الأخير الأمثل، حيث يطبق سنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يقول عند الجنازة: “استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل”.
ولا تقتصر حقوق الأخوة على الحياة، بل تشمل أيضًا ما يتبع الوفاة، حيث يظل الدعاء للمسلم المتوفي من أبرز حقوقه، لأنه يقف أمام سؤال الملائكة وفتنة القبر.
حق رد التحية
حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على تقاسم التحية والسلام بين الناس، إذ يساهم ذلك في نشر المحبة والألفة. وقد قال: “لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا، أفشوا السلام بينكم”.
عندما يلقى المسلم التحية، فإنه من حقه أن يتلقى ردًا، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى برد التحية بشكل جيد في قوله: (وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا).
حق تشميت العاطس
عند عُطاس المسلم، يتعين عليه أن يقول “الحمد لله”، وعلى أخيه المسلم أن يدعو له بقوله “يرحمك الله”. وقد شهد النبي -صلى الله عليه وسلم- موقفًا عندما عطس شخصان أمامه، حيث شمَّت أحدهما ولم شمِّت الآخر، مما استدعى توضيحه بأن أحدهما حمد الله والآخر لم يفعل.
ووجوب الحمد عندما يُعطس يعود إلى أن العطس يُعَدُّ نعمة، ويجب على المسلمين الالتزام بتشميت العاطس واستجابة الدعاء عندما يقول “يرحمك الله”، ليتم الرد من قبل العاطس بقوله “يهديكم الله ويصلح لكم بالكم”.
حق الزيارة
عند مرض أي إنسان، يحتاج إلى وقوف الأصدقاء إلى جانبه، لذا من الضروري زيارة المسلم أخاه المريض، ما لم يكن هناك مانع. وقد أكد الرسول الكريم في أحاديثه المباركة على أهمية زيارة المرضى، ومنها قوله: “من عاد مريضًا، غاص في الرحمة”.
يُشير هذا الحديث إلى أنه من يقوم بزيارة المريض يكون تحت رحمة الله تعالى خلال فترة وجوده معه.
حق إجابة الدعوة
تعتبر استجابة المسلم لدعوة أخيه المسلم لتناول الطعام أو لحضور مناسبة من الحقوق الأساسية. وتكون دعوة المسلم نابعة من المحبة، وتشكّل تلبية هذه الدعوة خطوة مهمة لتعزيز العلاقات الإنسانية.
إن من واجب المسلم أن يستجيب للدعوة ما لم يكن هناك عذر يقف عائقًا أمام حضوره.
أحاديث حقوق المسلم
في السطور التالية، سنستعرض مجموعة من الأحاديث النبوية التي تدل على حقوق المسلم تجاه أخيه، مع شرح لكل حديث:
- حق المسلم على المسلم ستة أمور: عندما تلتقي بأخيك فسلم عليه، وعند دعوتك فأجبه، وعند نصيحتك له، وعندما يعطس فحمد الله، وعند مرضه فعُدّه، وعند وفاته فاتبع جنازته.
- يؤكد الحديث على ضرورة زيارة المريض وتقديم التحية، والمشاركة في الجنازة بعد وفاته.
- يعبر الحديث الشريف “من عاد مريضًا غاص في الرحمة، حتى إذا قعد استقر فيها” عن الأجر الكبير الذي يناله الشخص عند زيارة المريض.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أطعموا الجائع، وأعيدوا المريض، وفكوا العاني”، وهذا يعكس أهمية تقديم العون لمن يحتاجه.
- وفي حديث آخر يقول: “من زار مريضًا فقال له سبع مرات: أدعو الله العظيم، رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض”.
بهذا نكون قد استعرضنا كافة التفاصيل المتعلقة بحقوق المسلمين على بعضهم البعض، مستشهدين بالأحاديث النبوية التي دلت على ذلك. في ختام مقالنا، نشكركم على المتابعة وندعوكم للاطلاع على المزيد من المواضيع في الموسوعة العربية الشاملة.