يتساءل الكثيرون عن مفهوم إسباغ الوضوء، وذلك بعد قراءة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: “ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟”، فعندما أجابوه بلى، قال: “إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلك الرباط.” في هذا المقال، سنتناول عدة أسئلة مثل: ما المقصود بإسباغ الوضوء؟ وما هي المكاره التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه؟.
محتويات
مفهوم إسباغ الوضوء
- إسپاغ الوضوء يعني إتمام الوضوء لكل أجزاء الجسم، وهو شرط أساسي لصحة الوضوء والصلاة.
- في عملية الوضوء، يجب على المتوضئ تبليل الوجه بالماء، ويمكن أن يتم ذلك مرة واحدة، ولكن من الأفضل أن تكون ثلاث مرات. ويجب غسل اليدين بدءًا من الأصابع وصولاً إلى المرفقين، مع الحرص على تبليل الجزء العلوي من اليدين أولًا. يُفضل تكرار ذلك مرتين أو ثلاث مرات إذا أمكن، ويمكن تدليك الأعضاء لكن دون إلزام.
- يجب مسح الرأس برفق مع الأذنين مرة واحدة، بدءًا من المقدمة إلى المؤخرة، ثم إعادة اليدين إلى المقدمة.
- السبابتان تُدخَلان في الأذنين ويتم مسح الجزء الخارجي من الأذنين باستخدام الإبهامين، ولا يلزم تكرار هذه العملية.
- أما بالنسبة للقدمين، يجب غسلهما ثلاث مرات، مع التأكد من تعميم الماء على جميع أجزاء القدم، بدءًا من الكعبين حتى أطراف الأصابع. يُفضل أيضًا تكرار هذا الأمر مرتين أو ثلاث مرات، وإذا تضمن تدليك الجزء فهذا أفضل ولكنه ليس إلزاميًا.
إسباغ الوضوء على المكاره
- تشير المكاره التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم إلى مشقة الجسد مثل الألم، والبرد، والحرارة، أو حالة الكسل والاستيقاظ، وعندما يكون الشخص غير راغب في الوضوء.
- تُشير الأحاديث إلى أن إسباغ الوضوء في الطقس البارد يُذكر المتوضئ بخوف النار في الآخرة، مما يجعله لا يشعر ببرد المياه.
- ذكر الأبي المالكي في “إكمال المعلم” أن تسخين المياه التي تُستخدم في الوضوء لمواجهة برودة الطقس لا يُقلل من الثواب المترتب على إتمام الوضوء.
الغرة الناتجة عن إسباغ الوضوء
- روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن أمتي يأتون يوم القيامة غُرًّا مُحجَّلين من أثر الوضوء، فمن استطاع منكم أن يُطيل غرَّتَه فليفعل.” متفق عليه.
- المقصود بالغرة التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم هو البياض الذي يظهر على الجبهة بعد الوضوء، بينما يُطلق على البياض أو النور الموجود في الساق اسم التحجيل.
- أي أن الوضوء يترك أثراً يتمثل في النور والبياض في الوجه والساق يوم القيامة، وهو ما يُميز أمة محمد صلى الله عليه وسلم عن غيرها من الأمم.
- لذا، فقد نصح النبي صلى الله عليه وسلم بتأخير التحجيل عند الشعر الرقيق في الرأس، حيث قد يشير التحجيل إلى الغرة، فيعتبره أوضح من غيره.
- وقد وُضعت الغرة بشكل فردي لأنها تُعتبر أبرز جزء في الوضوء وأول ما يتلاحظ عند النظر إلى الشخص وهو الوجه.
معنى إسباغ الوضوء في السبرات
- روى الطبراني في الأوسط عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “إن هناك ثلاثة أفعال تُكَفِّر الذنوب وترفع الدرجات: الانتظار للصلاة بعد الصلاة، وإسباغ الوضوء في الأماكن الباردة، والمشي إلى المساجد.” وأما الدرجات الثلاثة: فهي إطعام الجائع، ونشر السلام، وأداء الصلاة في الليل والناس نيام.
- تشير كلمة “السبرات” التي تعني البرد الشديد إلى صعوبة الحفاظ على الوضوء في مثل هذه الظروف، مما يزيد من أجر الشخص.
- إن إسباغ الوضوء في السبرات يعتبر من الكفارات.
فضل إسباغ الوضوء
تحمل فوائد متنوعة لكل مسلم يحرص على إسباغ الوضوء، ومنها:
- تُعتبر طرق لتكفير الذنوب ورفع الدرجات وكسب الحسنات، كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم. إذ قال: “ألا أبين لكم الأفعال التي تمحو الذنوب وترفع الدرجات؟” فعند جوابهم بالإيجاب، قال: “الوضوء المتكرر على الأعضاء الإضافية، وزيارة المساجد باستمرار، والانتظار لأداء الصلاة بعد الصلاة، فهذا هو الرباط.”
- عندما يتوضأ المسلم، فإن غسل وجهه يجعل كل خطيئة نظر إليها بعينيه تخرج مع الماء، وكذلك عند غسل اليدين تُغسل كل ذنب ارتكبته يديه. وهذا الأمر ذاته ينطبق على القدمين، مما يجعل الشخص يخرج من الوضوء نقياً من الذنوب.
- إن استقامة العبد تُعتبر دليلًا على اكتمال إيمانه، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن من أفضل أعمالكم الصلاة، ولا يُحافظ على الوضوء إلا مؤمن.” كما رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
- إحسان المسلم لوضوئه يُعتبر من أسباب غفران الله تعالى، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من يتوضأ بشكل جيد، تُغفر له خطاياه حتى تخرج من تحت أظفاره.
- كما روى مسلم في صحيحه عن عثمان رضي الله عنه أنه توضأ ثم قال: “رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ مثل وضوئي هذا، ثم قال: من توضأ هكذا، غُفِرَ له ما تقدّم من ذنبه، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة.”
- يُعتبر إسباغ الوضوء من أسباب دخول الجنة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من توضأ بإتقان ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التائبين، واجعلني من المطهرين، فتفتح له ثمانية أبواب الجنة، يدخل من أيها يشاء.” كما ذكر في الترمذي.
أمثلة على عدم إسباغ الوضوء
- تشمل أمثلة عدم إتمام الوضوء ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى رحلاته، حيث نزل بعض الأشخاص للوضوء بسرعة دون أن يعطوا أنفسهم الوقت الكافي لإتمامه بشكل جيد.
- عند بدء الصلاة، لاحظ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بعض أجزاء من جسمهم لم تصل إليها الماء مثل الكعبين وأطراف المرفقين.
- لذا، يعتبر ترك غسل جزء من العضو مثالاً واضحاً على عدم إكمال الوضوء كما ينبغي.
وفي الختام، نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا حول إسباغ الوضوء، حيث تناولنا مفهومه وما تشمله الغرة فيه، ومعنى إسباغ الوضوء في المكاره وفي السبرات، فضل إسباغ الوضوء وأمثلة على عدم إتمامه.